الأحد، 25 يناير 2009

صفاء


يوم ممطر أخر .. وقفت أسفل الشرفه يرتعش قلبى من البرد فى إنتظار صديقتى..{صفاء} لنذهب سويا إلى المدرسه .. كان من الممكن ألا أذهب إلى مدرستى الثانويه فى ذلك اليوم ولكنى أردت أن أقابل{صفاء} ... كانت صفاء فتاه على قدر من الجمال مستوى ذكائها أعلى من المتوسط كلماتها المرحه لا تخفى ذلك الحزن الذى يبدو واضحا بعينيها .. صوتها الصاخب لا يخفى حيرتها وإختلاط مشاعرها ... عندما تراها أو تتحدث معها قد تتعلق عيونك وأذنك بها ...أوقد يتسرب الملل إلى نفسك ...وأحيانا لا تشعر بشئ على الإطلاق ...ولكن بالنسبه لى لا أتذكر السبب الذى جعلنى أتعلق بها ولا أتذكر لماذا أعتبرتها فى ذلك الوقت صديقتى المقربه وفضلتها على كثير من الصديقات.... كان يحلو لى فى كل يوم أن أمر عليها لكى نذهب إلى المدرسه سويا فبيتها يقع فى أخر الحى الذى نسكن به.. تجمعنا أحاديث الفتيات عن الحب وعن المشاكل العائليه.وعن الدراسه أيضا ... ومع مرور الأيام أصبحت ثقتى بصفاء عميقه وحبى لها كصديقه مخلصه حباً كبيرا..أسرارى كلها معها .. وأحلامى هى بالنسبة لها كالكتاب المفتوح..لم أسأل نفسى يوما هل تستحق علا قتنا كل هذا التبجيل من ناحيتى وهل أعنى لها الكثير كما تعنى لى الكثير؟ ...... أعمانى غرورى وثقتى بنفسى وإلتفاف الأصدقاء حولى فلم أشك فى إخلاصها وحبها لى أبداً........
مضى وقت طول ... قبل أن أكتشف حقيقة صداقتنا ... مرت أيام لا أذكر منها شيئا الأن ... قبل أن أكتشف أننى بالنسبة لها {مجرد صاحبة طريق بيوتنا جمب بعض وطريقنا للمدرسه واحد } ...إكتشفت ذلك حين نقلت لى إحدى الخبيثات كلماتها تلك
تذكرت حينها ... نبرة السأم التى كانت تبدو واضحه فى صوتها حين أستفيض فى الكلام عن أمر ما ... وتذكرت تجاهلها لطلبى المستمر لها بزيارتى ... وتذكرت ذلك الجفاء الذى كان يكسو علاقتنا فى فصل الصيف حيث الإجازه السنويه ... جال بخاطرى أمور كثيره لم أستطع تفسيرها من قبل ...والأن بدا تفسيرها سهلا واضحا
. لم أفكر وقتها فى معاتبتها أو سؤالها عن حقيقة ما سمعت وهل صدر عنها ذلك القول حقا .. لم أستطع لا أعرف لماذا ولكنى فقط لم أستطع .. لم أريد وقتها أن أصدق أننى غبيه ومخدوعه أو أننى لاأستطيع الحكم على البشر.
وإستمرت علاقتنا ... وإستمر ذهابنا وإيابنا معا ... ولكن حين جاء الصيف قررت أنه من حقى أن أكتشف حقيقة ما سمعت ... ولكن كبريائى منعنى من أن أسألها عما سمعت مباشرة ... أو لعلى خفت أن أسمع منها ما يجرح كبريائى أكثر...فقررت أن أنقطع عن زيارتها وعن محادثتها تليفونيا ..لأرى ردة فعلها ناحية غيابى ..... وكم كان غيابها مؤلما ..مؤلما جدا .. كنت أفتقدها ..وأفتقد ثقتى العاليه بنفسى ...وشعرت بزلزال يغير كل حساباتى ومفاهيمى عن نفسى وعن الأخرين ... وطافت بذاكرتى صور لصديقات تهافتن للحديث معى ولكننى كنت دوما أجيب عليهن بسأم كما كانت تفعل معى صفاء ... وتذكرت صديقات كن يأتين لزيارتى مره تلو الأخرى أملين فى أن تقرب تلك الزيارات بيننا ... وكيف أنى لم أنتبه لغيابهن حين أنقطعن عن زيارتى ... وكيف أنه لم يخطر ببالى قط قدرالحزن و الإهانه الاتى شعرن بها بسبب تجاهلى المستمر لهن ... ولا أعرف لماذا شعرت حينها أن ما حدث معى كان عقابا لى على تجاهلى لهن
كان خطأى كبيرا ... حين وضعت ثقتى وتقديرى بمن لا يعنيه أمرى كثيرا وتجاهلت كثيرا من الصديقات كن أجدر بهذه الثقه وبهذا التقدير وأغمضت عينى عما كان واضحا وضوح الشمس.....كان درسا قاسيا على كرامتى وكبريائى ولكنى مع الوقت تمكنت من إستيعابه ... وإعتقدت حينها أننى تمكنت من تخطي الأمر تماما ... وأننى كنت أعطى الأمور أكثر مما تستحق ... وحين باعدت بيننا الدراسه الجامعيه ..كنت أتذكر تلك الأيام وأتعجب كثيرا من نفسى كيف أننى كنت حزينه ومحبطه إلى هذا الحد ... وتخيلت للحظه أنى قد تخلصت تماما من تلك المراره التى شعرت بها نتيجه لما حدث

وعندما إلتقينا منذ سنوات .... كانت قد أصبحت أيام الثانويه مجرد تاريخ ... تزوجت أنا وأنجبت أطفالا .... وتزوجت هى وأنجبت أطفالا....... ولكن رغم مرور السنوات إلا أن مرارة ما حدث وقفت بينى وبينها فتبادلنا التحيه سريعا وأفترقنا كل واحدة منا فى إتجاه.... ولا أعرف كيف سمحت أنا لهذه المراره أن تعلق بروحى ...حتى أنى لم ألتفت لطفلتها الجميله التى تعلقت بملابسى محاولة لفت إنتباهى ببرائة رائعه .. ولم أهتم لملامح الإعياء التى بدت واضحة فى وجه صديقتى القديمه فلم أكلف نفسىالعناء حتى بسؤالها عن سبب هذا الإعياء والذبول اللذان يكسوان وجهها الجميل ... لعلى أيضا شعرت ببعض السعاده أننى بدوت أكثر جمالا وشبابا منها ...وحين همت هى بقول شيئ شعرت أنا أنها كانت تستجمع شجاعتها لتقوله قاطعتها بتحية الوداع فصمتت وفى عينيها نظره حزينه لم افهم تلك النظره فى حينها .. ولكننى كنت سعيده لأنى عاملتها بإهمال وتعالى ولو أنى لم أعترف لنفسى بذلك... ولكن حين سمعت خبر وفاتها بعد هذا اللقاء بفتره قصيره ... أصابنى الذهول والأسى .. وتساءلت كيف نفعل ذلك بأنفسنا ...تمر أيامنا بحلوها ومرها .. ولكننا نتوقف عند كل يوم مر لنجمع مرارته ونضعها فى قلوبنا .. ونظل نجمع المرارات واحده تلو الأخرى حتى تصير قلوبنا مع مرور الأيام أكثر سوادا وتصبح روحنا أكثر قتامه ..مع مرور الأيام تفقد الحياه بريقها وتشيخ أرواحنا ....منا من تشيخ روحه بسرعه ومنا من تشيخ روحه ببطء كل منا و قدرته فى جمع المرارات....

هناك 8 تعليقات:

ريكو يقول...

عزيزتى
سعيدة لكونى اول تعليق ولكى منى كل التحية
عزيزتى هونى على نفسك
فما نحن الا ارواح من تلاقى منها أئتلف ومن تنافر منها اختلف
وهكذا يا عزيزتى تمضى بنا الايام سريعاونحن لا ندرى ماذا اقتنسنا منها
ولكن دائما تبقى الزكرى فيا ليت زكرياتنا تبقى دائما سعيدة لانتزكر سوى الايام السعيدة كما قلتى يا صديقتى
أما عن صديقتك صفاء فنحن كلنا مثلك دائما لا نستطيع الحكم الصحيح واعتقد ان ذلك ليس ليس عيبا فينا بقدر ما هو تقلب فى شخصيات وقلوب البشر
فيا مقلب القلوب ثبت قلوبنا يا اللة
لكى منى كل الحب والتحية

إيمان يقول...

بجد أنا أسعد إنك نورتينى ... وسعيده جدا للصدفه إللى جمعتنى بيكى .. أتمنى أشوفك منورانى علطول
وكل إللى بتمناه من ربنا .. إنه سبحانه وتعالى يغفرى لذنوبى .. وإنى أقابله بقلب سليم

الفقيرة إلى الله أم البنات يقول...

إيمان
تدوينه رائعه
تعرفى ليه
لانها صادقه
فلم تقومى بتغطية مشاعرك بقناع من البراءة وانك لم تقصدى
بل العكس اظهرتى مشاعرك الحيقيه
والاجمل ليس كتابتها هنا
بل الاجمل انك اعترفت لنفسك بها
الحقيقه تدوينه تجعلنى نتوقف ونرى ماذا نحن نفعل

رحمها الله
ورحم جميع امواتنا وزرقنا الفهم عليه
يجب ان لا نطالب غيرنا ان يتحمل مسؤليةمشاعرنا الفياضه تجاهه وهو لا يبادلنا نفس المشاعر
ليست مشكلته
ولكنها مشكلتنا نحن
دمت بخير

إيمان يقول...

أم البنات أنت قارئه مميزه ... أتمنى ألا تغيبى عن مدونتى ... على فكره أنا كنت عايزه أطلع نفسى براءه من القصه دى ... بس خفت من ربنا ... ربنا يرحم صفاء .. ويصبر والدتها ... ويغفرلى

ٌرحيـــــــــــــــــــــــل يقول...

الله يرحم صفاء، زعلت عليها! :(

إيمان يقول...

الله يرحم موتانا وموتى المسلمين جميعا ... كنت أحبها بجد رغم كل شيئ ... فقد كانت حياتها صعبه ... وانتهت نهايه مأساويه غير متوقعه رحمها الله

غير معرف يقول...

رحمها الله وجميع أموات المسلمين
لا تقسي على نفسك ليست قضية مرارات ولا أحقاد نجمعها بل قلوب لا يملكها إلا الله تتقلب حسب ما تلاقي من الآخرين

إيمان يقول...

سكينه
سعيده بمرورك الجميل
وتعقيبك الأجمل
تقبلى تقديرى