الثلاثاء، 16 أبريل 2013

باللون الأحمر




عند تمام العاشرة وصلت .. تبدو في فستانها الحريري الاحمر أصغر سنا و اكثر حيوية .. تعلو ضحكاتها وهي تصافح الجميع بود فتبدو تماما كإمرأة سعيدة .. منذ سنوات وهي تقاوم .ترفض السقوط ترفض الإعتراف بالهزيمة .. ملامحها الرقيقة تخفي سنوات عمرها وعينيها تدربتا على الكذب لسنوات حتى اكتسبتا المهارة الكافية لادعاء السعادة بثبات .
من الصعب الليلة وهي بهذا الفستان الملتصق عند الخصر والمنسدل من بعده وبهذا الوجه الرقيق والعينين الكاذبتين أن تعرف انت أو تفهم او تتخطى الهالة حولها أو تفطن لشيء من غموضها .. هي الليلة واضحة جدا واضحة وضوح كاذب تماما كاللون الاحمر 

الأربعاء، 20 فبراير 2013

المني ج ..(3).............السوبر ماركت





مرت المرحلة الثانوية وقبلها المرحلة الاعدادية وأنا لا أحب التعامل مع نهال ابدا وأشعر انها فتاة كئيبة ومريضة نفسيا وكثيرا ما كنا نسخر من تأتاتها و من عصبيتها  .. لا احب السخرية من الناس عادة لكنى غالبا ما كنت انساق لصديقاتي في هذا وخاصة في حالة نهال .. أراها الأن بعين اخري اري خلف تأتأتها قلب يتأتأ وارى خلف عصبيتها اشياء اخري ولا اعتقد انها تتلعثم لسبب عضوي ابدا .
استيقظت هبة وقذفتني بالوسادة قائلة _ هل انت هكذا عادة
_ عادة ماذا ؟
_ تستيقظين مثل بائعي اللبن ليتني عرفت قبل هذا
_ ِلست ظريفة على فكرة
_ منك لله
_ كسلانه ما ذنبي انا
_ كنت أظن انك ستتدعميني فى كسلي الم يكن يكفيني نهال .. عوضي على الله
_ لن ارد
تقوم هبة بتكاسل تجر قدميها وتبدو في منامتها القطنية كطفلة في العاشرة تسحب منشفتها وتمضي إلى الحمام .. تعود نهال من المطعم حاملة علبة من الفول وطبق به ثلاث بيضات وستة أرغفة وليمونة مقطعة لنصفين .. تقشر نهال البيض وتضع الفول الساخن في طبقين تهرس حباته وتخرج من دولابها حبتين من الخيار تغسلهما وتقطعهما .. ترص الاطباق على منضدة فى الشرفة .. تعود هبة من الحمام فتصيح
_آآآه الفول وصل
وتخرج الى الشرفة مندفعة فتنهرها نهال
_ أأأأأرتدي حجابك نحن فى الشرشرشرشرفه
تقوم هبة وتقول معترضة _ اه صحيح طابور الرجال يقف اسفل الشرفة ... اننا في السابعة صباحا لا احد يستيقظ مبكرا غيرك .. سيبرد الفول
_قووومي
تقوم هبة بنفاد صبر .. ترتدي اسدالها وتعود



********
في معمل الكيمياء كانت الروائح تهب من كل مكان أكاد افقد وعيي من الاختناق .. وأتساءل كيف ساكمل اعوامي الاربع هنا .. احاول المحافظة على تركيزي رغم نقص الاوكسجين لاتمم التجربة على خير .. ( هناء ) شريكتي بالمعمل تعمل بحماس غريب وكانها لا تملك انف مثلي .الكزها وأسالها لأتاكد انها بخير
_ اكاد افقد وعيي من الرائحة .الا تشمين؟!
_عادي
_ عادي!!!!!
_ ستعتادين هكذا رائحة مع الوقت من المؤكد لم يكن لديكم معمل في الثانوية
_ معمل !!!!!! لم يكن لدينا مقاعد عزيزتي
تحاول اغاظتي _ آه نسيت أنتِ من الأقاليم صحيح
_ وانتِ من لندن صح ؟! تعرفين بيدي انبوبة بها حمض كبريتيك مخفف قد تسقط منى سهوا على حذاءك الجديد فينتهي امره قضاء وقدر
_لالالا.. اشم الرائحة وانتِ رائعة وجميلة ..من قال أقاليم
_ آآآه
_ ابدا
تلمحنا المعيدة المشرفة على المعمل فتصيح بعصبية قاطعة الصمت
_ أنتما ركزا فى العمل .
نكتم ضحكاتنا انا وهناء وعيون الطالبات كلها ملتفتة الينا صرنا مشهورتان اخيرا
(هناء) هي اول من تعرفت عليه هنا في الكلية قابلتها مصادفة عند الباب تبحث مثلي عن المدرج (ب3) الكبير .. ثم اكتشفت فيما بعد انها تسكن في مدينة قريبة من مدينتنا .. هي فتاة عملية ومجتهدة تحب الالتزام والانضباط بشكل مخيف .  جميلة ورشيقة على نحو مفاجئ لا ترتدي الحجاب وترتدي الجينز دائما و هذا ما قد يعطي عنها انطباع خاطئ بأنها فتاة متحررة وعصرية ولطيفة .. في حقيقة الأمر هي ( رئيس الخفر ) .

ينتهي اليوم الدراسي الطويل المنهك فتنطلق الفتايات خارج مبنى الكلية مسرعات بشكل مدهش وكانهن فارات من زلزال .. تعلق هناء متنهدة _ أمامي مشوار طويييييل
_ متى موعد قطارك
_ الخامسة الا ربع
_ تمزحين !! متى ستصلين بيتك اذا ؟ ! بعد غد ؟!!
_ أركب القطار السريع يا (فالحة ) 45 دقيقة واكون بالبيت (لعلمك ) القطار هو المرحلة الممتعة في هذه الرحلة اليومية .. مشكلتي الحقيقة في ميكروباص يوصلني من هنا الى محطة مصر في الميعاد المناسب قبل ن يفوتني القطار .
_آه ..سأدعو الله من أجلك .. سلام .. أمامي مشوار عظيم لأصل لغرفتي
_آممم سأبكي من الـتأثر .. مسكينة .. هل تستطيعين عبور الشارع وحدك ام تحتاجين لمساعدة .
_ أغتاظي قدر استطاعتك .. لن ألومك
في نهاية الأمر أقف معها حتى يأتي ميكروباص (رمسيس) لماذا اقول رمسيس .. عجيب !! نقل تمثاله  وانقلب حال الميدان رأسا على عقب ولا زال رمسيس يهيمن عليه  .. الوح لها مودعة ثم اعبر الشارع عائدة الى غرفتي في المدينة الجامعية .
............
اعود الي غرفتي خائرة القوى ويبدأ الصداع في التسلل الى رأسي من أثر الجوع .. أتذكر فجأة أنني قد تأخرت عن موعد صرف وجبة الغداء .. اترنح من هول الصدمة وعقلي لا يسعفني بحل .
هبة ونهال نائمتين ودعاء الشريكة الرابعة والتى لم اقابلها سوى مرة واحدة لا أثر لها .. أبدل ملابسي في يأس واتمدد علي سريري بعد ان اصلي العصر .. احاول قتل الجوع بالنوم وشيئان لا يستطيع النوم قهرهما ابدا الجوع والافكار السوداء في حالتي انا قد تكون الافكار السوداء اكثر رحمة .اقوم من سريري بلا أمل أقلب عيني في الغرفة لعلى أجد ما اسد به جوعي .. كيف لا يوجد كانتين بالمبنى ؟! .. تلتفت نهال نحوي بعصبية _ كفي عن اااازعاجي اريد الننننوم
(وكأني كنت انقصها هي وتاتأتها  )
_آه .اسفة
تعطيني ظهرها وتنام اهمس في نفسي (أبتعدي عني يا نهال فقد أكلك انت شخصيا )
 تتسرب الى أنفي رائحة طعام  تحضره فتاة ما داخل المبنى .. فأتذكر رائحة طعام أمي التي كانت تأتيني وانا على أول الشارع .. أتذكر طبق الآرز الساخن الموضوع على الطاولة تتصاعد منه الأبخرة والرائحة الشهية  و بجواره طبق الخضروات باللحم والسلطة الخضراء وهي ترجوني بالحاح ان اسرع في تبديل ملابسي قبل أن يبرد الطعام وأنا أتذمر من الحاحها.. (اصير عاطفية جدا حين يتعلق الأمر بالطعام ).
في نهاية الأمر كان علي أن أفكر بشكل عملي وسريع ليس هناك ماما ولا ثلاجة بها كل اصناف الطعام الصحي الذي اتجنبه غالبا .. علي ان أتحمل مسؤلية هذا البطن الجائع ,,اعدت ارتداء ملابسي واخذت حافظة نقودي وبطاقتي الشخصية وخرجت الى الشارع الكبير ..لا أعرف هنا شيء ولم أخرج من قبل كل ما اعرفه هو الطريق من باب البيت الي باب الكلية ثم الى المدينة الجامعية .. لم اكن اخرج في مدينتنا وحدي فما بالك بالقاهرة .. تمشيت بجوار سور المدينة الطويل بلا وجهة محدد المنطقة كلها بالكامل محجوزة لحساب الجامعة ومبانيها لا أرى أثر لمحلات بقالة او افران او مطاعم كان علي ان امشي نصف ساعة قبل ان اجد واحد اخيرا .. كتب عليه سوبر ماركت ابو يحي لم يكن كبيرا ابدا ولكنني وانا ابنة الاقاليم لم اكن قد رأيت شيئا هكذا من قبل في مدينتنا ولم نأتي انا وامي الى القاهرة ابدا سوى مرتين احداهما كانت لأحدى المستشفيات .. اعطاني العامل على باب المحل سلة معدنية حملتها منه وانا احاول اخفاء ارتباكي لا اعرف ما علي شراءه بالتحديد لا اعرف شيء عن طبيعة الاسعار لم اكن مسؤلة عن شراء شئ ابدا.

الثلاثاء، 19 فبراير 2013

المبنى ج..............2


نتوجه للمبنى (ج) .وهناك نقابل المشرفة المختصة والتي كانت لطيفة معنا ووافقت على تسكيني فى حجرة هبة ببساطة .. هي في حقيقة الامر ليست بكل هذا اللطف لا هي ولا أي مشرفة عرفتها فيما بعد فقط كانت هذه هي سياستها في تجنب الصداع .
كان عليها ملأ خمسون دفتر بإسمي ( دفتر الغياب . دفتر الحضور . دفتر التمام . دفتر العهدة .دفتر الاجازات ..............) قبل أن تقوم متكاسلة وبيدها حلقة كبيرة بها اشكال والوان من مفاتيح ذات عدد لا نهائي (تتاكد لدي نظرية السجن أكثر  ) تسير حتى أخر الرواق و نسير خلفها في صمت و كأننا منيمتان مغناطيسيا نقف أمام غرفة مغلقة كتب على بابها بخط ردئ ( العهدة ) .. سلمتنى ملاءات نظيفة ومنشفتان للوجه ووسادتان واكياس وسائد نظيفة وصينية معدنية كبيرة مقسمة كطبق (جي جي) ابنة الجيران ذات الثلاثة اعوام . ثم ذهبت معي لتسلمني الاثاث ( دولاب ومكتب وسرير) وسلمتني مفتاح الغرفة بعدها طالبتني بالتوقيع على محضر استلام به قائمة بما استلمت .. أيقظ ذلك الجانب البوليسي في شخصيتي فألقيت نظرة متفحصة على ما كتب في المحضر لأتأكد اين اضع توقيعي .. وقعت اخيرا وغادرت المشرفة .
فور انصرافها أنفجرت هبة في الضحك _ ساعة لتتفحصين المحضر؟!.. المشرفة كادت ان تصاب بالشلل
_ اممممم اردت فقط ان ....
انخرطت هبة في تقليد المشرفة _ هذا الاثاث عهدتك ان حدث له شيء انت المسؤوله .هاهاهاها  .وكانه سليم من الأصل هاهاهاها .ثم اشارت للمكتب القديم المعاد طلاءه حديثا و الذي استلمته للتو_  تفضلي تفضلي هذه هي غرفة المكتب خشب زان درجة اولى اجلسي على الفوتيه ولا يهمك هاهاهاها
ارتميت على السرير من الضحك وهبة لا تتوقف عن اطلاق النكات
أسأل هبة عن طبيعة هذه الصينية التي تشبه طبق الاطفال المقسم
فتجيب ضاحكة _ انه طبق السيريلاك هذه الفتحة للزبادي وهذه للسيريلاك اما هذه فهي مجرد ديكور ليكتمل الشكل
انظر اليها قائلة _ وكأني سأضحك
تنظر في عيني فانفجر ضحكا
_ تعرفين يا ندا ارسلك الله نجدة لي .. انا هنا منذ اسبوع فقط وبدأت اشعر بان مرض نفسي يهاجمني بالفعل  . نهال متشبثة بي بشكل مرضي لا تسمح لي بمغادرة الغرفة بعد ان نعود من الجامعة .. وتعتبر خروجي لمقابلة صديقة على بعد غرفتين اهمال لها ويصيبها ذلك بالكأبة . نقضي أغلب الوقت كتوأم ملتصق الأمر محرج للغاية وخانق .. أما دعاء شريكتنا الرابعة فهي ( أبله الناظرة ) أكبر منا بثلاثة اعوام غير انها انطوائية بشكل سخيف وممل وتقضي اغلب الوقت لدى صديقات لها في الطابق الثالث.
.. تدخل نهال فتجدنا منسجمتين في الحديث فتقف مبهوتة عند الباب تنظر لحقائبي الملقاة في مدخل الغرفة بارتياب وتتلعثم _ نننننننندا
نهال هي الاخت الكبرى الاقل جمالا لهبة .. مصابة بمتلازمة ( لا احد يحبني ) منطوية وعصبية متعكرة المزاج دائما ولديها وسواس في النظافة ..و وسواس في العلاقات الانسانية وتاتأة متوسطة .. تتشبث بهبة كتشبث ام منطوية بطفلتها ليس انانية منها انما خوف واضطراب فهبة هي فرصتها الاخيرة في ان تحيا حياة طبيعية .. لذا حين رأتني فهي حتما شعرت بالتهديد ولا ألومها إن هي كرهتني.
_ تقفز هبة من على السرير وتقول وكأنها تنفي التهمة عن نفسها_ صدفة رائعة يا نهال ان تسكن معنا ندا في نفس الغرفة اليس كذلك ؟
.
مطت نهال شفتيها وهي تجاهد كي لا تتأتأ وقالت _ أأأأهلا




 (2)
أستيقظت في الصباح ولدي احساس حائر حول طبيعة ما أقحمت نفسي فيه .. هل هو فرصة عمري لأبدا حياتي واتحرر من قيد ثقيل يشدني نحو أمي وحياتها المغلقة أم انه مجرد قرار اخر خاطئ لمراهقة متذمرة .. احمد اخي لا يجد غضاضة أبدا في ان يغلق حياته على نفسه كأمي لذا هما على وفاق دائم .. أما انا فأشعر وكأني طير صغير لم تتاح له الفرصة أبدا ليجرب جناحيه.. أريد ان اعرف هل بإمكاني أن اكون أم لن أكون بلا أمي .. حقيقة أفتقدها بشدة واكابر ولا اريد أن اعترف لنفسي بذلك .. أفتقد لحضنها الصباحي ولمسحة يدها على شعري ولصوتها الناعم يحثني على ان اكف عن التكاسل و أقوم
الساعة لا تزال الخامسة والنصف أول محاضراتي فى الثامنة والكلية على بعد شارع من سريري عشر دقائق واكون هناك ما الذي أيقظني الأن !! أووف .. سأظل فريسة لأفكاري حتى الثامنة .. قمت من سريري إلى الحمام الذي كان نظيفا بشكل غير متوقع .. أغتسلت ونظفت أسناني وتوضأت وحين عدت للغرفة تفاجأت باني لم اكن المستيقظة الأولى كما كنت أظن كانت نهال بالشرفة في أنتظار طلوع الشمس تقرأ القرأن ..تهمم بالأيات وتعيد حفظ بعض الأجزاء وغريب أنها لا تتأتأ أبدا تقرأ بطلاقة وبصوت عذب وبلا أرتباك .. لم أكن أعلم أن بإمكانها اكمال جملة بلا تأتأة .
أرتديت إسدال الصلاه وصليت الفجر وجلست أقرأ أذكار الصباح كما عودتني امي .. في تمام السادسة والنصف خرجت نهال من الشرفة ألقت تحية باردة سريعة وارتدت ملابسها وسالتني إن كنت أريد فهى لا تمانع في ان تأخذ كوبون إفطاري لتحضره لي .. أفطار وكوبون كيف نسيت ؟! ماذا كنت انتظر أن تحضرلي ماما الافطار ثم تلح علي في ان أكل وانا اتدلل .

الأحد، 17 فبراير 2013

المبنى ج ...........1


أنهيت ملأ الاستمارات ثم وضعتها داخل الملف البلاستيكي بصحبة باقي الاوراق المطلوبة .. سلمت الملف واخذت إذن بدفع المصروفات .. بالنسبة لي كطالبة مستجدة لن أنتظر وقت للموافقة على ملفي .. كل هذا ولم أكن متاكدة من أني جاهزة بعد .. بدأ الأمر برمته كفكرة عابرة ثم أشعل رفض امي لها عنادي .تماديت حتى وجدت نفسي اليوم أمام شباك الخزينة أدفع المصروفات .
شعرت بالرهبة وبرغبة ملحة في التراجع وأنا اخرج النقود من حقيبتي ولكني أخرجتها على أية حال وأخيرا إستلمت الإيصال وبقى علي ان أتجه إلى مبني الادارة ليتم توزيعي وتسجيل إسمي فى مبني من المباني .لوهلة شعرت ان اجراءات ايداع سجين ما بسجن ما قد لا تختلف كثيرا عن مثل هذه الاجراءات ..فقط لن يكون مضطرا لدفع مصروفات أو الوقوف ساعات أمام شباك سحب الاستمارات .
_ لااااا !!! تمزحين !!!
التفت لأجد امامي ( هبة التلمساني ) صديقتي من المرحلة الثانوية .ليست صديقتي بالضبط هي صديقة صديقتي وإحدى فتيات مجموعتي الكبيرة بالمرحلة الثانوية .. كان لي وقتها مجموعتان مجموعة كبيرة تضم كل من أستلطفهن أو يسكن بالقرب مني أو بيننا أي شيء مشترك (كصديقة مثلا ) ومجموعة أضيق تضم الطالبات الاتي يشاركنني نفس المستوى الدراسي .. هذا ما تفرضه طبيعة الدروس الخصوصية ومن حسن حظي أن أعضاء المجموعة الضيقة كن بالفعل  أعضاء بارزين في المجموعة الكبرى ولكن لم تكن هبة واحدة منهن ابدا .. هبة فتاة ظريفة على نحو مميز بحق .. كانت تجعلنا دائما نضحك .جميلة وقصيرة ذات قوام مكتنز ولافت .ليست لئيمة أبدا أو غيورة ممتلئة بالحيوية على نحو طفولي فريد .
_ هبة !!! ماذا تفعلين هنا
تقول ضاحكة _ نقلت محل إقامتى إلى هنا .. وأنتِ ؟!
_ أقدم أوراقي وادفع المصروفات
_لااااا ..تقولها بإستغراب شديد
_ ما الغريب في ذلك
_ اممم .. والدتك مثلا
_ لم تمانع ابدا .. تعرفين .. الطريق طويل مواصالات ثلاث .. مشوار شاق جداا على ان أسلكه كل يوم
تنظر إلى بأرتياب ولا تعلق . أنها تعرف أني أكذب وكل من عرفني يوما سيعرف اني أكذب .امي متعلقة بي وبأخي بشكل غير طبيعي .. منذ وفاة أبي في ذلك الحادث المفاجئ وهي متشددة تجاه كل ما يخصني أنا واخي .لا تزور قريب ولا يزورها احد وليس لها صديقات ولا تسمح لأي زميلة من زميلات العمل أن تتصل بها في البيت ..كل هذا لتتفرغ لرعايتنا انا واخي على أكمل وجه .. كانت حتى الصف الثالث الاعدادي توصلني إلى المدرسة وكان الأمر محرجا للغاية وخاصة أن بيتنا يبعد عن المدرسة بشارعين فقط . تزورني في المدرسة بشكل دوري وتلتقي بالمدرسين  لتناقش معهم كل ما يخص أمور دراستي .
منذ أن ظهرت نتيجة التنسيق وتم قبولي بكلية العلوم  وطرحت فكرة المدينة الجامعية وبيننا صراع لا ينتهي ونقاشات حامية حول جدوى كل شيء في الحياة .. عن قيمة العائلة والمشاركة والالتزام تجاه من نحب .. تحاول بكل طريقة إثناءي عن الفكرة .بنعومة تارة .ولؤم تارة . وبالصراخ والمشدات الكلامية تارة أخرى .. أقول لهبة أنها لم تمانع ليس رغبة مني في الكذب عليها  . بل رغبة في الكذب على نفسي .. أردد هذه الكذبة وسأرددها كثيرا لمرات ومرات بعد ذلك حتى أسكت ضميري وأقتل شعوري بالذنب
تصيح هبة مهللة في فرح وكأنها اكتشفت إكتشافا خطيرا : لم يتم تسكينك ها ؟!
_ نعم
_ لدينا مكان شاغر بالغرفة .لا تمانعين صح ؟
_ في ماذا ؟
_ السكن معنا
_ تمزحين !بالطبع لا
تسحبني من يدي وتهرول _ أسرعي قبل أن تاخذ إحداهن المكان
تعرف طريق مبني الإدارة جيدا وتعرف طرقاته وما هو المطلوب تسبقني إلى حجرة ضيقة في أخر الردهة بها مكتب صغير تجلس خلفه موظفة بدينة برداء بني مزركش وحجاب بني مزركش أيضا ( من اوحي لها بان مثل هذه الالوان قد تناسب بعضها ) تقدم هبة ملفي لها وتتفاوض معها لتقبل تسكيني بذات المبني _ إن به مكان شاغر تأكدنا من الاشراف هناك
_ احتاج لورقة تثبت ذلك
_ ارجوكي نحن جديدات هنا ولم نكن نعرف كل هذه التفاصيل يمكنك الاتصال بهم لتتأكدي
تنظر المرأة لهبة بتحد _ امممم .. ساتصل
تحاول محاولات عدة تبوء كلها بالفشل فلا أحد يرد تستسلم اخيرا وتختم الأوراق
نتوجه بعدها إلى المبنى . ( مبنى ج)

يتبع 

الأحد، 10 فبراير 2013

البوتاجاز



عاد من العمل منهكا .. توجه إلى غرفة المعيشة ألقى بنفسه فوق ذلك المقعد الذي يتوسط الحجرة وجلس صامتا لم يلتفت اليها..ولم يلحظ انها كانت تجلس عابسة مقطبة الجبين.
تنهد عميقا ثم قال: ده جنان والله العظيم ده جنان
قالت : أنا تعبت
قال : أنا كده بيتي هيتخرب .. مستقبلي ضاع
نظرت أليه في صمت
قال : خسرت اليوم 100 ألف جنيه في ساعة واحدة
لم ترد
قال : إذا إستمر الحال هكذا سنفلس تماما .. لن نجد ما ناكل به
قالت : أنا تعبت
قال : ما جمعته في سنوات عملي بالبورصة ضاع ثلثيه في أيام معدودة والخسارة لا تزال مستمرة ولا أمل في توقفها قريبا
قالت : وقفت طوال اليوم لأعد طعام الغذاء وما أن أنهيت كل شئ واقتربت من النهاية حتى احترق الطعام .. الأرز احترق تماما والخضار شاط وأفسدت رائحة الشياط طعمه .. قلت لك ألف مرة هذا البوتاجاز أصبح خردة عمره الإفتراضي أنتهى منذ سنوات
قال : طارق أصيب بسكر الدم وهشام بالأمس ارتفع ضعطه فنقل إلى المستشفى أما نادر فقرر أن ينفد بجلده ويعتزل العمل بالبورصة تماما
قالت : حاولت ان أنقذ صينية الفراخ فإحترقت يدي
وعدتني قبل الزواج أنك ستأخذ هذا البوتاجاز الخردة من والدتك إنقاذا للموقف فقط .. ولكننا سنغيره في أقرب فرصة . مر على زواجنا الأن سبع سنوات ولازلت أتعذب به
نظر إليها في عصبية وقال: أين الغذاء سأموت من الجوع
قالت : أقول لك الطعام إحترق .. البوتاجاز اصبح خرده ..يحرق الطعام لن احتمله بعد اليوم يجب ان نشترى بوتاجاز جديد
قال: أقول لك خسرت اليوم 100 ألف في ساعة
_إعتبرهم 103 واشترى بوتاجازا جديدا
_لا تفكرين الا في نفسك
_هل سأرتدي البوتاجاز أم سأكله.. إنه لأطبخ لك به
قال _وهل القديم سيقول لا لن اطبخ
قالت _ أنا التي ستقول لا لقد تعبت .. أنت لا تفكر الا في نفسك وفي عملك فقط قل لي متى أخر مره خرجنا معا أو حتى جلسنا في البيت معا في هدوء و بلا توتر .. أنت دائما فاقد لأعصابك لا أسمع منك سوا صراخ وتأنيب على كل شئ وأى شئ
قال : أنت لا تهتمين بي ولا بحالي المال هو كل ما يهمك .. أنا بالنسبة لك مجرد محفظة كبيرة تمشي على قدمين
قالت : وهل حين أطلب منك أن نشترى شئ للبيت أو للأولاد أصبح حينها عاشقة للمال .. بل انت البخيل الذي لا يريد ان ينفق مليما .. تنهار اعصابك حين تسمع سيرة المصاريف
قال : أنا لا اساوي عندك شيئا
قالت : وهل أساوي انا عندك شيئا
قال :لم أعد أحتمل كل هذا الغباء يكفي ما أراه في العمل
قالت : من تتهم بالغباء؟
قال :الحياة معك أصبحت لا تحتمل والتفاهم أصبح مستحيلا
قالت : بما أن الحياة أصبحت مستحيلة بيننا فلماذا تعيش معي .. وصلني لأهلى لن أعيش معك بعد اليوم ..
إحتقن وجهه غضبا .. لاذ بالصمت .. ثم قام متوجها لغرفة النوم بدل ملابسه ثم توجه للمطبخ أكل شيئا ما و عاد لغرفة النوم.. تمدد على السرير ونام .. علا شخيره بعد لحظات واستفزها تجاهله فراحت تبكي .. وعلا شخيره أكثر  فعلا نحيبها
في السابعة مساء استيقظ من نومه فوجدها و قد هدأت قليلا
قال : البسي علشان ننزل نشوف البوتاجاز .. بجملة الخسارة
تهلل وجهها وقامت لتبدل ملابسها


السبت، 9 فبراير 2013

الحظ والحب


الحظ والحب ايهما يجلب الآخر .. وايهما نحتاجه اكثر هل الحب هو من يجعل منك محظوظا أم الحظ هو من يجعل منك شخصا محبوبا .. يقولون في شرح قانون الجذب ان كل طاقة تجذب شبيهتها فاذا كنت تحمل طاقة ايجابية فهي تجذب كل ما هو ايجابي الى حياتك و الحب هو اكبر طاقة ايجابية في الارض .. اذا ربما هو الحب من يصنع الحظ .. لم تكن هي لتهتم كثيرا بسؤال مثل هذا قبل ان تراه .. هي في الاصل راضية قانعة بكل ما في حياتها .. راضية بجمالها المتوسط وبشهادتها المتوسطة بدخلها المتوسط وباسرتها المتوسطة .كل ما كانت تحلم به هو زوج متوسط الحال تحيا معه فى شقة متوسطة المساحة فى نفس الحي المتوسط الذي يسكنه اهلها .. لم تكن يوما لا باحثة عن الحب ولا باحثة عن الحظ .
.  كانت عائدة من عملها في احدي المولات الشهيرة حين تعثرت ووقعت على الارض بسبب المطر الغزير ووقف هو بسيارته الفارهه ليقدم المساعدة . ركبت سيارته الفارهه وهي ترتعش من البرد ومن الخجل وتفكر كيف تتفادي افساد فرش سيارته بملابسها المبتله المتسخة من اثر السقوط على الارض ..  اغلق نوافذ السيارة واشعل المكيف الساخن وبدأ الدفئ في التسلل الى اوصالها هنالك تغير شيء ما بداخلها تغير شئ ما الى الابد . استرخت في جلستها قليلا و اخذت تنظر اليه وتتسأل في نفسها .. الحظ ام الحب ايهما يجلب الآخر وايهما نحتاجه أكثر ... يمر بها فى عملها بهذا المول الشهير مئات الشباب الاثرياء حسني المظهر واللذين يملكون حتما سيارات فارهه لماذا لم تفكر انه ربما كان احدهم هو سبيلها للقفز فوق تلك الحياة المتوسطة التي تحياها منذ ان وعت عينيها على الدنيا متى تعلمت ان تتوقف عن الطموح متى توقفت عن الحب .. وما علاقة الحب بالطموح .
_ تعملين بالمول ؟
_نعم
وانتظرت في قلق ان يسألها عن طبيعة وظيفتها .. وللمرة الاولى تشعر بالخجل من طبيعة وظيفتها للمرة الاولى تشعر بالخجل من كل حياتها وللمرة الأولى تتسأل لماذا لم اسعي لحياة أفضل من قبل  .
لم يسألها ولم يهتم بأن يعرف عنها الكثير أوصلها إلى حيث أرادت .شكرته .وأستدار عائدا إلى عالمه البعيد .. ولكنها خرجت من السيارة إنسانة اخري غير التي ركبت .. كيف لشيء جامد لا حياة فيه ان يكون مؤثرا بكل هذه القوة يقولون ان لكل شيء حياة خفية لا نعلمها ويؤثر فيما حوله حتى وإن كان جامدا .
بعين أخرى أصبحت ترى الأشياء .. الشارع ضيق والاصوات عالية وأكوام متفاوتة من القمامة تزين أركانه .. العمارات وجهاتها متهالكة وشققها صغيرة .. متى كف الناس عن حب الجمال والطموح اليه ؟! .. تتـأمل الشرفات لا شرفة واحدة تحمل ولو أصيص زرع صغير واحد كل الشرفات بها اكوام من الاغراض الغير مستعملة الغير مهمة التي تكاسل الناس عن التخلص منها فتركوها  للشمس والهواء والامطار لتأكلها .. تركوها للطبيعة للتتخلص منها بطريقتها الخاصة .. الطبيعة فى الأصل تتخلص من كل ما هو غير ضروري الطبيعة تكره الكراكيب ولها طريقتها الخاصة في التنظيف .
اخافتها الفكرة .. ما اهميتها هي وما قيمة حياتها .. تذهب الى المول كل يوم تقف لتقنع الناس بشراء اغراض غير مهمة هي في الأصل غير مقتنعة بها .. تحرق ساعات من يومها تعود منهكة تتناول طعامها تنام لتصحو على امل الا يتغير شيء وتذهب الى عملها الغير مهم  لتبيع اشياء غير مهمه .. ماذا لو تخلصت منها الطبيعة بنفس الطريقة .