الأربعاء، 29 ديسمبر 2010

الرابعة عصرا

دقت الساعة تمام الثالثة عصرا..فهرعت إلى المطبخ لتتم تجهيز طعام الغذاء..عادت لتوها من العمل ليس أمامها سوى نصف ساعة ويعود الأولاد من المدرسة ثم نصف ساعة أخرى ويعود يحي من عمله
تستيقظ كل يوم في السادسة صباحا لتجهز الأولاد لليوم الدراسي..تصلي الفجر..تجهز الشطائر وأكواب الحليب .. تضع بعض الشطائر للإفطار والبعض الأخر تلفه ليحمله الأولاد للمدرسة..يتناولون الشطائر و يشربون الحليب ثم يرتدون ثيابهم وأحذيتهم .. يصففون شعرهم ثم يحملون حقائبهم وتودعهم وتغلق الباب وراءهم وتعود إلى الداخل متمنية من قلبها ألا يحمل الصباح أية مفاجآت.
تكون مهمتها مع الأولاد سهلة إذا ما قورنت بمهمتها معه .. مع الأولاد الصراخ مسموح و الاستعجال مسموح و قليل من اللعنات وتقطيب الجبين أيضا مسموح .. أما معه فلا تملك سوى ابتسامة رقيقة وصوت هادئ وتظاهر بأن أمامنا اليوم بطوله .
أحيانا تشعر أنه يتعمد التلكؤ .. يقوم من نومه بتكاسل واضح .. يتناول فطوره بهدوء .. يتحدث كثيرا .. تسأل نفسها هل يتعمد حقا إطالة الحديث أم أنها فقط من يتخيل ذلك .. هل تتعجل خروجه إلى هذا الحد .
تفكر أنه ربما يقرأها ويتعمد حصارها حتى تكف عن التظاهر بأن (كله تمام ) وبأنه ( أمامنا اليوم بطوله ) .. تربكها الفكرة فتنفضها عن رأسها وتعود لتلتقط خيط الحديث الذي يبدو وكأنه سيمتد إلى الأبد.
لماذا لا تخبره فقط وببساطه بأنها في عجلة من أمرها هل تصدق نفسها حقا في انه لا يشعر بتوترها
منذ لحظة نزول الأولاد للمدرسة وحتى نزوله إلى العمل يمر الوقت طويلا..تشعر وكأنها قابلة للاشتعال في أية لحظة.. تسأل نفسها ألف مرة لماذا لا تخبره ببساطة أنها في عجلة من أمرها .. لماذا تصر على التظاهر بأن وجودهما معا ينسيها الدنيا وما فيها .. ينسيها الوقت والعمل ومديرها السمج ( متصيد الأخطاء ) والذي لا يترك مناسبة دون أن يذكرها بأنها الوحيدة بين زملائها التي لا تلتزم بمواعيد الحضور والانصراف .فترد عليه بانفعال بأنها حين تقدمت للعمل أوضحت أنها لن تستطيع الالتزام بمواعيد الحضور والانصراف .. طبيعة عملها تسمح بذلك ..أوضحت أيضا أنها ستكون ملتزمة فقط بتسليم المشروعات في موعدها وهو شخصيا قبل بذلك .. يقاطعها وعلى وجهه ابتسامة تمقتها ( لا تأخذين كل شئ على أعصابك .. أمزح معك ) .. تلمح في عينيه نظرة شماتة لأنه أستطاع استفزازها وإثارة أعصابها وإفساد يومها.. فتتجاهله وتبدأ العمل .
في منتصف النهار تترك المكتب .. يكون زملائها منهمكين في اعمالهم بينما تحمل هي عملها وتعود إلى البيت حتى لا تتأخر عن الثالثة عصرا قبل موعد عودة الأولاد بنصف ساعة .. تشعر بتهامسهم عليها ولكنها تتجاهلهم ..يتهامسون أو لا يتهامسون لا تملك سوى تجاهلهم .. إما هذا أو تجلس في البيت بلا عمل .. بعد سنوات الدراسة الخمس بكلية الهندسة و الأحلام العريضة تجلس في البيت بلا عمل .. لتحمل وبجدارة لقب ( ربة منزل ) .. لن تقبل .. ستتحمل أي شئ حتى لا تحمل ذلك اللقب الذي يفزعها ويذكرها بفشل حياتها العملية
تنتفض إذا سألها أحدهم ( ربة منزل ؟) تجيب بعصبية مهندسة .. تنظر في أول مرآة تقابلها تتأمل صورتها وتسأل نفسها لماذا اعتقدوا أني ربة منزل هاجمتها منال ذات مرة قائلة ما العيب في ( ربة المنزل ) أنه اختيارك سواء العمل أو الجلوس في البيت لرعاية الأولاد لا دخل لأحد في ذلك
*********
أضافت الملح للصلصة وأضافت قليل من الزعتر ليجعل الاسباجيتي أطعم .. قطعت حبات الفلفل وأضافتها للسلطة الخضراء ثم أضافت ملعقة من زيت الزيتون كما يحب يحي .. يضايقها طعم زيت الزيتون في السلطة الخضراء ولكنها في كل مرة تضيفه بلا تردد.
في تمام الثالثة والنصف يدق جرس الباب .. يعود الأطفال إلى البيت فتعود الفوضى معهم تحتضنهم ثم توبخهم وتلملم أشياءهم المبعثرة .. تحممهم لتزيل عنهم أثر الطريق تلبسهم ملابس نظيفة .. و تنظر إليهم فيمتلئ قلبها بالرغبة في الحياة .. تتأملهم وتقول لنفسها ( لو أني لم أكن في العمل صباحا لكنت أكثر هدوءا وبشاشة .. مقصرة معهم .. كنت عصبية ولم أستقبلهم بود كاف ) .
تمام الرابعة يعود يحي ليجدها واقفة بالمطبخ كما تركها في الصباح.

tadwina-70014772-tadwina

هناك 12 تعليقًا:

غير معرف يقول...

مالها ربه المنزل بس ... احسن ناس والنعمه :))

قصه جميله اوي ومعبره عن واقع مش اد كده الصراحه بس موجود بكثره للاسف :(

دمتي مبدعه

تحياتي

عبدالله الداوود يقول...

أعتقد أن ضغوط الحياة تختلف من شخص لآخر، فما ( يحرق ) أعصاب هذا قد لا يكون مشكلة عند آخر..
شيء مهم آخر .. هو أن نحاول أن نكون سعيدين ولا نستسلم لبعض الضغوطات..
قصة جميلة.. طريقة السرد أعجبتني كثيرا .. تصوير الحياة المنزليةرائع جدا..
تمنياتي لك بالتوفيق،،

احساس طفلة محبة للرومانسية بس واقعية يقول...

مش عارفة هى لية خايفة من لقب ربة منزل كدا
انا رأي مدام هو فعلا اختيار مش اجبار
ومدام بعد علم ومعرفة وثقافة مش جهل يبقى مفيهوش مشكلة خالص وبأيدها تطور نفسها او تندرج تحت مسمى ربات البيوت الفعليا بدون ثقافة اللى هى بتخشاهم كدا

انا بحب اوى اسلوبك فى كتابة القصص القصيرة اللى بالشكل دا و حتى القصص المسلسلة فى كذا بوست بحس انك بتوصفى بهدوء حاجات واقعية باسلوب لذيذ وممتع جدا

دمتى متألقة
تقبلى مرورى

غير معرف يقول...

قصة حلوة
تقبلي مروري

قلم رصاص يقول...

اختيار المرأة لتكون ربة للمنزل أو تنزل للعمل هذا شيئ راجع لها وحدها لايشاطرها فيه الا زوجها وترتيبهم سويا هذا الشأن.

ثم أنا اعتقد _وقد أكون مخطئا_ أن المرأة مهما بلغت من العلم او مراحل التعلم او حتى تقلد المناصب مآلها في اخر الأمر الى بيتها ليس لشيئ ما او انتقاصا من شخصيتها بالعكس فهذا المكان الذي تكون فيه ملكة بالفعل

ومن حيث الواقع ، هي المسئول الأول عن تفاصيل حياة الأبناء من رعاية ومذاكرة الخ الخ وليس الزوج. فالرجل لايستطيع القيام بهذا الدور الحيوي الذي يحتاج الى صبر وجلد ورباطة جأش ..تملكها المرأة.لذا فهي بحق وزيرة التربية والتعليم الحقيقية والله


كل سنه وحضرتك طيبه
وعام سعيد عليكم وعلى كل الناس

تقبلي مروري وتحيتي
^^

إيمان يقول...

فتاة من الصعيد

ربات المنازل (أجدع ناس طبعا )
وهو ده اللى انا بتكلم عنه في القصة
ان الانسان بيخلق لنفسه اشباح ويفضل يهرب منها مع انه اللى صنعها لنفسه
نورتي يا مومو
يارب دايما

إيمان يقول...

أ/ عبد الله الداوود
ضغوط الحياة قد تشغل البعض لحد أنها تفسد حياته تماما وتشتت إنتباهه عن أشياء رائعة يملكها .. في القصة البطله تملك اشياء رائعة مثلا زوجها في الصباح يتحدث معها ويطيل الحديث وهذه علامة حب بينما هي منشغلة بأمور أقل اهمية
شرفت المدونة بمرورك
وأسعدني رأيك في القصة وخاصة أنه رأى صادر من أستاذ كبير وكاتب متميز مثلك
تحياتي وتقديرى

إيمان يقول...

إحساس طفله

لا كده هاخد على الدلع واستاناكي كل بوست
ربات البيوت احسن الناس بس احنا كستات اللى بنحب نصعب الموضوع على نفسنا
ازي سومه عامله ايه

إيمان يقول...

يوميات شحات
أهلا بيك
وشكرا لتشجيعك

إيمان يقول...

قلم رصاص

سعيده انني قدرت اوصل الفكره
الفكره انى انا اللى بختار شكل الحياة اللى انا عايز اعيشها وانا اللى بحدد اولوياتي مش اي حد تاني
لما بفكر في الشغل يبقى لأن الشغل انا محتجاه وعندي وقت ليه
لو قررت اني ارعى الاولاد يبقى برضو انا اللى اخترت ومش مضطره انى ابوظ حياتي علشان حد يقول عليه اني كويسه وشاطره
وناجحه في حياتي العمليه
بتسعدني تعليقاتك لانى بحس انك قرأت البوست وعايز تقول حاجه فعلا :)

محمد التركى يقول...

السلامو عليكم
ايمى

والله كلام جميييل جدا
اولا كل سنه وانتى طيبع ساعات وتدقق السنه الجديده ابوابنا وبجعبتها اسرار ومفاجأت وفرح وهم وحزن وضحك
الله اعلم
نتمنى من ربنا تكون سنه سعيد علينا يارب

ربت منزل ولا مهندسه
مش مهم
المهم انها ام وزوجه
وانا شايف ان بطله قصتك بسم الله ماشاء الله عليها
صحتها كويسه قوووى
من هم العيال والزوج والشغل
ربنا يقويها
لكن حرام ياعنى درسه وتعبت واتخرجت بعد هم السنين
علشان تقعد فى البيت
صعب
قصه روعه

كل سنه وانتى طيبه
وفى انتظار الجديد

تحياتى لشخصك الطيب

محمـــد التركـــى

إيمان يقول...

أ / محمد

كل سنة وانت طيب ويارب تكون سنة خير علينا جميعا
والله يا محمد الستات بيشوفوا اكتر من كده بس أنتم اللى حاسين