الأربعاء، 14 أكتوبر 2009

الأميرة النائمة والأمير المصري ... الجزء الأخير

حلم مزعج

توقفت السيارة أمام قصر صغير ولكنه فخم وأنيق بواباته الحديدية مرتفعة و مزخرفة بألوان ذهبية يقف عليها حرس كثر يرتدون ملابس أنيقة للغاية .. مظهرهم يلقى الرهبة فى القلوب ... جميعهم متشابهون بقاماتهم الطويلة وبشرتهم السوداء وأكتافهم العريضة يتشابهون حد التطابق يبدو هذا التشابه مخيفا إلى حد كبير ... وقفت الأميرة عند أبواب القصر وقد أنتابتها حاله من التوتر لا تدري هل تدخل أم تطلق ساقيها للريح وتهرب من كل هذا العته والذي لا يبشر بالخير أبدا .. قاطعها بهلول الذي بدا وسط هؤلاء الحرس بقامته القصيرة وجسده النحيف وطريقة سيره المضحكة كمهرج أصيل وحقيقى لا ينقصه سوى قبعة المهرجين .. قاطعها بكلمات لم تفهمها و مضى الى داخل القصر ولحق به جميع من كان فى السيارة فمشت هى الاخرى متجهة الى الداخل ..
لم يكن لقاء كبير المهرجين سهلا فقد أحاطت به هالة كبيرة من الاحترام والتقدير المفتعل والغير حقيقي وبدا الأمر وكأنه منشغل بأمور عظام بينما كانت الأمور هادئة جدا و لم يكن هناك ما يستدعى كل هذا القلق من وجهة نظرها .... كان صبرها قد نفذ تقريبا قبل ان يأتى إليها بهلول وقد تهلل وجه بأن ( الباشا ) في إنتظارها ..
تغير كبير المهرجين كثيرا مظره المهندم والأنيق وبشرته النظيفة اللامعة شعره المصفف بعناية جلسته الوقورة بشكل مفتعل نظراته الخاوية .. كل هذا يوحى بتغير كبير ومنصب عظيم ناله هذا المهرج .. ترى كيف وصل إلى هنا وكيف اصبح بهذا القدر من الأهمية ..
رحب بها ببرود قائلا : تفضلي بالجلوس أيتها الأميرة العزيزة .. يبدو عليك الأرهاق والتعب سأدعوهم ليحضروا لك غرفة تستريحين فيها وتتناولين عشاءك
ولكن قبل ذلك أريد ان اوضح لك بعض الأمور وارجو أن تفهميني جيدا .... ستقيمين معنا هنا فى القصر معززة مكرمة حتى نجد زوجا مناسبا لك فلا تقلقى على أي شئ بعد الأن فكلنا هنا من أجلك .. ولكن لي عندك رجاء مولاتي .. لا داعي لأن يعرف أي من البشر قصتنا وتاريخنا لن يفيد أحد معرفة كيف كنا وكيف أتينا وما إلى ذلك
ترددت الأميرة قليلا قبل أن تسأله : هل لي أن أعرف أولا كيف وصلت أنت وهذا البهلول إلى هنا وكيف أصبحت هكذا ..
وضع كبير المهرجين يده على فمه وكأنه يفكر بعمق و نظرإليها بنظراته الخاوية تلك قبل أن ينطق قائلا :اسمعيني جيدا وأرجو ألا يخرج ما سأقوله لك خارج تلك الحجرة
بعد أن أقنع الأمير مولاى الملك بحملك إلي مصر حيث أمهر الأطباء والسحرة والكهنة ووافق الملك .. رحل الأمير وأنقطعت أخباره
وتغير مولاى الملك كثيرا اصبح حزينا بشكل دائم تقريبا .. وانقطعت الإحتفالات وتوقف الناس عن الإحتفال بالأعياد إحتراما لحزن الملك
ولم يعد لنا عمل تقريبا
وذات يوم خرجت إلى الغابة لأتمشى بها قليلا وكان الملل قد سيطر على تماما .. وبينما أنا أسير بلا هدف ظهر أمامي فجأة رجل تبدو عليه أمارات الحكمة والزهد .... عرفت على الفور أنه أحد العرافين الذين يعيشون في الغابة بعيدا عن الناس .. نظر إليَ الرجل واخذ يتفحصني بنظرات طويلة وطال صمته .. حتى هممت بالإبتعاد عنه والمضى فى طريقي ولكنه إستوقفني قائلا ما هذه الملابس الغريبة التي تلبسها وفيما كل هذه البهرجة التي في مظهرك ولما هذه القبعة الغريبة .. وحين اجبته بكل فخر أنني كبير المهرجين بالقصر الملكي
نظر إلي بإشفاق بالغ وقال لي أيها المسكين ليتك ولدت بعد اربعة ألف عام من الأن .. مسكين أنت وكل من هم مثلك مساكين
فبعد أربعة ألف عام من الأن سيكون للمهرجين شأن عظيم فى كل العالم ستكون الكلمة كلمتهم والعصر عصرهم .. سينتشرون ويسيطرون على كل المجالات وسيستمرون فى إلقاء النكات كما هم لكن نكاتهم لن تضحك من الوهلة الأولى بل ستبكى أولا ثم تضحك من فرط البكاء
سيلقون نكاتهم ثم يتفرجون هم على الناس وعلى تأثير نكاتهم الثقيلةعليهم ... سيلقون النكات ليلهون هم وليس لإلهاء الناس .. سيلقون نكاتهم ليزيدوا من كأبة الناس وليس للتخفيف عنهم .. الأن يظهر المهرجين فى الأعياد والمناسبات السعيدة والإحتفالات أما وقتها سيكون ظهور المهرجين سببا كافيا للغم والهم ..... ولكنهم سيعيشون عيشة الملوك ويعاملون معاملة أصحاب الرأى .. ولسبب ما سيتحمل الناس سخافاتهم ونكاتهم المريعة وغبائهم أيضا .. لسبب ما سيعتبرهم الناس أمرا واقعا ولا أمل في أفضل منهم وسيستسلمون لحكمهم ولوجودهم بهذه الصورة
صدقني أنا مشفق عليك وعلى أمثالك للغاية
زاد كلام العراف من كأبتي وهمي .. لقد خرجت إلى الغابة لعلي أحظى ببعض الترفيه ولكننى عدت مهموما ومكتئبا أكثر مما سبق وأستمر حالي على هذا الوضع لمدة أسابيع ... حتى جاء مرسال من الأمير يحمل رسالة خاصة للملك .. ووصلتني الأخبار بأن المرسال جاء ليخبر الملك أن الأطباء فشلوا تماما فى علاج الأميرة وأن السحر الذي ألقي عليها قد صعب على السحرة فكه .. ولكن ساحر واحد فقط لديه حل لا بأس به .. حل سيحزن الملك والأمير ولكن ليس أمامهم غيره .. سيرسل الساحر شخص واحد أو أثنين على الأكثر إلى زمن وصول الأميرة سيرسلهم قبل ميعاد إستيقاظها بعدة سنوات ليكونوا مستعدين لوصولها ولمساعدتها حين تستيقظ ولكن يشترط في من سيرسلهم ألا يكونوا على علاقة دم بالأميرة و ألا يكونوا من أي بلد أخر غير بلد الأميرة ..
وبالطبع كانت فرصتي لأتي لهذا العصر عصر المهرجين الذهبي .. ذهبت إلى الملك في الحال وأخبرته بما أخبرني به العراف فأرسل الملك في طلب العراف وحين اتى أكد له أنني أفضل رجل لهذه المهمة .. ومن غيري لها .. فوافق الملك وأخترت معي في رحلتي تلك بهلول وحين وصلنا إلى هذا العصر ( عصر المهرجين الذهبي ) .. وجدت الحقيقة أفضل بكثير من كلام العراف .. وكما ترين أنت كيف أصبحت وكيف اصبح وضعي ..
ولكن الأميرة لم تقبل الصمت وأعلنت لكبير المهرجين أنها لن تسكت على مثل هذه المهزلة ..وبأنها ستخرج إلى الشارع الأن وستخبر الجميع بحقيقته .., ولكنه حذرها من أن الناس ستعتبرها مجنونه ولن يصدقها أحد
فأكدت له أنها لا تهتم يكفيها شرفا أنها لم تكتم الحقيقة ولم تخدع نفسها .. حتى وان أتهمها الناس بالجنون فلن يضرها إتهامهم شيئا ولكنها حين تكتم الحقيقه سيظل ضميرها يؤلمها كل يوم ... حتى وإن ماتت بعدها فيكفيها أنها لم تتخازل ولم ترض بهذا الوضع
وفى الحال ضغط كبير المهرجين على أحد الأزرار فجاء بعض من هؤلاء الحرس المتشابهين أنيقي المظهر .. فأمرهم بأخذها وحبسها فى حجرتها والتي كانت معدة لها سابقا .. وأمرهم ألا يدعونها تخرج خارج الحجرة أبدا .. أخذت الأميرة تصرخ وتهدد وتتوعد ولكنها إنتبهت فجأة على صوت مربيتها والتي جاءت مزعورة على صوت صراخها .. حاولت تهدئتها .. حتى أفاقت الأميرة لتكتشف أن ما كانت تعيشه مجرد حلم .. لا لم يكن حلم بل كان كابوسا مرعبا ... قامت الأميرة من نومها وهى سعيدة أنها لم تولد بعد أربعة ألف عام وسعيدة أكثر أنها لن تكون في مصر وقتها .. كان اليوم هو موعد لقائها الأول مع ذلك الأمير المصرى الذي تقدم لخطبتها .. ولكنها قررت أن ترفض لقاءه وترفض الزواج منه .





هناك 18 تعليقًا:

يــوم جــديد يقول...

سيكون للمهرجين شأن عظيم فى كل العالم ستكون الكلمة كلمتهم والعصر عصرهم .. سينتشرون ويسيطرون على كل المجالات وسيستمرون فى إلقاء النكات كما هم لكن نكاتهم لن تضحك من الوهلة الأولى بل ستبكى أولا ثم تضحك من فرط البكاء

نعم أصحبت تضحك من فرط البكاء
ثم أصبحت تبكي فقط

بديعة السرد وبليغة العبارات والمعاني
وحقيقية جدا
دائما متميزة ومبدعة :)

احساس طفلة محبة للرومانسية بس واقعية يقول...

فى رأيي تفوقتى على نفسك فى النهاية بتاعت القصة دى يا ايمى انا فعلا متخيلتش انها هتكون كدا
مش على الحلم على حقيقة المهرجين
على صدق كلام العراف
يابخت الاميرة انه كان حلم
خليها تستمتع بعصر ذهبى يحكمه ملك حقيقى

دمتى بكل خير
تقبلى مرورى

ستيتة يقول...

الله يا إيمي
الجزء ده فلسفي راقي بمعنى الكلمة
لا داعي لأن يعرف أي من البشر قصتنا وتاريخنا لن يفيد أحد معرفة كيف كنا وكيف أتينا وما إلى ذلك
ده كلام واقعي بمعنى الكلمة
وكذلك قول العراف لو ولد بعد 4000 سنة ها تتشهيص على الآخر 
ها يتحول من مهرج
ل
ل
للعبة في إيد اليانكيز

شفـقــة و إحســــان يقول...

أول مرة أزور المدونة
وأكيد مش هتكون الأخيرة
لأنها فعلا جميلة ومتميزة

تحياتي
إحســان

القدر و انا يقول...

رائعة يا ايمى
بجد رائعة ..
قاموس كامل للغة العربية ..بها التشبيه والكناية والاستعارة
واسلوب ساحر وواقع مر
أديبة فذة هى من تملك القدرة على هذا التصوير الرائع الذى يجمع بين الماضى والحاضر
تحياتى يا أرق أديبة

غير معرف يقول...

بجد المهرجين هم اللى بقى ليهم لازمة دلوقتى
حتى فى اصغر المناصب
قصة مميزة واسلوب راقى
سعيد بمرورى من هنا

Lady E يقول...

بعد التحيو وبعد السلام أنا جاية أسلم وهاجي تاني ان شاء الله

يااااااه فاتني كتيييييير من قصة الأميرة

وحشتيني يا ايمي

إيمان يقول...

يوم جديد

ثم أصبحت تبكي فقط

لا طبعا هو أحنا بيهمنا صحيح احنا اللى

بصمتنا وكلمة وانا مالى خلينا ناس كتير من هذه النوعيه بقى ليهم لازمة لكن دايما لا يصح الا الصحيح وانا حاسه انه ان شاء الله قريب قوى كل شئ هيرجع مكانه الصحيح
بجد رأيك أسعدنى جدااا
وسعيده اكتر اننا طلعنا جيران

إيمان يقول...

احساس طفله

بجد منورانى ومتابعتك هى اللى خلتنى اكمل بجد انا سعيده بدخولى عالم التدوين مش لأى سبب غير انه ادانى فرصه اتعرف على ناس زيكم
بوسه كبيييييييييييييره لسومه وان شاء الله اخواتها عن قريب اشمعنى انا يعنى لازم كلكم تحصلونى

إيمان يقول...

ستيته

اليانكيز !!!!

طيب

هى البلاوى كلها جايه منين غير من عند اليانكيز والهباب ربنا يتوب علينا ويرحمنا من اليانكيز واللعب بتاعتهم

إيمان يقول...

شفقه واحسان

منورين و يارب دايما

وفى انتظاركم

إيمان يقول...

القدر وأنا

يا سلاااااااااااام

أيه الكلام الكبير ده والله أصدقك وأعيش الدور
شكرا على تشجيعك يا قمر وتسلميلى بجد انا سعيده بتعرفى عليكم الواحد يا شيخه عرف الدنيا لسه فيها ناس محترمين وزى الورد زيكم

إيمان يقول...

غير معرف

المره الجايه لازم نعرف مين

بجد مرورك اسعدنى جدااااا

يارب ضيف دائم على المدونة

إيمان يقول...

ليدى

يادى النور يادى النور

ليكى وحشه يا شيخه

بس انا مقدره انشغالك فى الدراسه والسفر والهيصه دى ربنا معاكى ويوفقك للخير دايما ونسمع عنك دايما أخبار حلوه

تامر علي يقول...

كوابيس الآخرين تحولت إلى حقائقنا :))

مش كنا اتولدنا من 4000 سنه أكرم لنا من البهدلة مع المهرجين دول :))

كويس انها رفضت الامير المصري ولو حتى عنست أكرملها:)

تحياتي :)

عبدالله الداوود يقول...

قصة متواضعة جدا .. بل هي عادية .. بل ضعيفة الحبكة واللغةة .. طبعا اتحدث عن قصة قرأتها في منتدى أدبي ..
لكن هذه القصة رااائعة جدا .. بل وتفوقت جدا يا ايمي .. وأعجبني النص كثيراا ..
تمنياتي لك بالتوفيق ..

إيمان يقول...

تامر علي

كوابيس الأخرين أصبحت واقعنا الجميل

جمال ملوش مثال واقع مبروك عليكم وعلينا ومصر اليوم فى عيد
على العموم النهارده من 4000 سنه مش فارقه كتير
وبعدين كفاية اننا عايشين عصر الحريات .. حرية كل مواطن فى المرمطه اللى تعجبو

إيمان يقول...

أ / عبد الله الداوود

مرورك بمدونتى يشرفنى جدااا ويسعدنى

ورأيك يهمنى حتى ولو كان بالنقد

سعيده برأيك جداااا .. ولو انك وقعت قلبى :)